القَرض

القَرْض في اللغة هو القطْع، والقرض ما يتجازى به الناس بينهم ويتقاضَونه، وجمعه قروض (1) . وسُمّي ما يُدفع إلى الإنسان من المال بشرطِ ردِّ بدلِه قرضاً، قال تعالى : مَن ذا الذي يُقْرِضُ اللهَ قَرضاً حَسَناً (2) . وسُمّي قَطْع المكان وتجاوزه قرضاً كما سُمّي قطعاً، قال عزّوجلّ عن الشمس في قصة أصحاب الكهف : وإذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُم ذاتَ الشِّمال (3) ، أي تَجوزُهم وتَدَعُهم إلى أحد الجانبَين (4) .
وقد استند الفقهاء المسلمون (5) في مشروعيّة القرض وأرجحيّته للمؤمن إلى الآية الكريمة : مَن ذا الذي يُقرِضُ اللهَ قَرضاً حَسَناً فيُضاعِفَهُ له (6) ، وقوله تعالى : إنّ المُصَّدِّقينَ والمُصَّدِّقاتِ وأقرَضوا اللهَ قَرضاً حَسَناً (7) ، لأنّ حقيقة القرض ممنوعة في حقّه تعالى؛ لاستحالة الحاجة عليه، فيُحمل ما جاء في الآيتَين الكريمتَين على إقراض عبيده، كما استدلّوا بغير ذلك من العمومات، نحو قوله عزّوجلّ : وتعاوَنوا على البِرِّ والتقوى (8) ، وقوله : وأحسِنوا إنّ اللهَ يُحبُّ المُحسِنين (9) .
واشترط الفقهاء في صحّة القرض الإيجابَ والقَبول، وأن يخلو من اشتراط المقرِض على المقترض زيادةً في الدَّين، كأن يُقرضه ألف دينار على أن يدفع له بعد فترة من الزمن ألفاً ومائة دينار (10) .
وقيل في تفسير « قرضاً حَسَناً »: الحَسَن أن يُنفق من حلال، ولا يُفسده بمنٍّ ولا أذى (11) .
وروي عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه قال: لمّا أُنزلت هذه الآية : مَن جاءَ بالحسنةِ فلَه خيرٌ منها (12) قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ربِّ زِدني، فأنزل الله : مَن جاءَ بالحسنةِ فلَهُ عَشْرُ أمثالِها (13) ، فقال رسول الله: ربِّ زدْني، فأنزل الله سبحانه : مَن ذا الذي يُقرِضُ اللهَ قَزضاً حَسَناً فيُضاعِفَهُ لَه أضعافاً كثيرة (14) .
كما روي عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه سئل عن قول الله عزّوجلّ : مَن ذا الذي يُقرِضُ اللهَ قَرضاً حَسَناً فقال: نَزَلتْ في صِلة الإمام عليه السّلام (15) .