الولاية العامة للّه

وللّه تعالى ولايتان على عباده:
ولاية عامة تعم الناس جميعاً، وولاية خاصة يخص بها اللّه تعالى الصالحين من عباده.
وولاية اللّه تعالى العامة تعمّ الناس المؤمنين وغير المؤمنين والصالحين

والفاسقين، يعمّهم اللّه تعالى بالرحمة والرزق والفضل، يطعمهم إذا جاعوا، ويشفيهم إذا مرضوا، ويرزقهم الأمن إذا خافوا، ويدفع عنهم البلاء كلما روّعهم البلاء، ويغنيهم إذا افتقروا، ويعلّمهم ويفتح عليهم أبواب العلم إذا جهلوا، وييسر لهم الأمور إذا تعسّرت عليهم الأمور ويعيد إلى قلوبهم الأمل إذا يئسوا، ويلقي في قلوب بعضهم الرحمة للبعض، وحب التعاون، لتنظم أمور حياتهم.
وكم من خطر يدفعه اللّه تعالى عن حياة الناس برّهم وفاجرهم، وكم من رزق يرزق اللّه عباده، وكم من أزمة يفرجّها اللّه عن عباده من  غير طلب ولا سؤال من الناس، ومن غير شكر أيضاً، بل من غير معرفة باللّه؟
وقد ورد في دعاء شهر رجب: «يا من يُعطي من سأله يا من يُعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحنناً منه ورحمة».
وهذه الولاية العامّة للّه تعالى يتمتّع بها كل الناس وليس بإمكان الإنسان أن يعيش ويقاوم ابتلاءات الدنيا ومشاكلها وينظّم حياته لولاها  ... ويعيشها الإنسان في كل يوم بل لا تفارقه في أية لحظة، ومع ذلك فلا يشكرها الإنسان، بل لا يعرفها، فإذا مات ورجع إلى اللّه  عرفها عند ذلك (وردوا إلى اللّه مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون)(1).
عندئذ يعرف اللّه ويعرف رعاية اللّه، وتدبيره له في حياته ولكن بعد فوات الأوان، عندما تنجلي حجب الغفلة عن عينيه. (فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم جديد)(2).


(1) يونس: 30.
(2) ق: 22.