العرش
سرير المَلِك، قال تعالى : إنّي وَجَدتُ امراةً تَملِكُهُم وأُوتِيَتْ مِن كلِّ شَيءٍ ولها
عَرشٌ عظيم (1) ، وقد يُستعار لغيره (2) .
والعرش في الأصل شيء مُسقَّف، وجمعه عُروش، قال تعالى: « وهِيَ خاوِيَة على عُروشِها » (3) ،
وسُمّي مجلسُ السلطان عرشاً اعتباراً بعلوّه، وكُنّي به عن
العزّ والسلطان والمملكة (4) . والعرش البنيان، قال تعالى : وأوحى ربُّكَ إلَى النَّحلِ أنِ اتَّخِذي من الجِبال
بُيوتاً ومِن الشَّجَرِ وممّا يَعرِشون (5) أي يبنون (6) .
وذهبت طوائف من المسلمين ( كالحنابلة والكرّامية والمجسّمة ) إلى جسمانيّة العرش، وقالوا إنّ الله
تعالى يجلس على العرش فيئطّ
العرش من ثقله! وأنّه سبحانه ينزل إلى عالم الدنيا كلّ ليلة جمعة !
وذهب بعضهم ـ كالأشاعرة ـ إلى أنّ الله تعالى
ليس جسماً، وأنّه لا يُشبه الأجسام، إلاّ أنّه
استوى على العرش بلا كَيْف، أما الشيعة والمعتزلة فيعتقدون أنّ قوله تعالى : ثُمّ استَوى علَى العرش (7) يُشير إلى الاستواء المجازي، وهو استقرار المُلك واستقامته، وفسّروا العرش
بالسلطان والمملكة (8) ، وقالوا في تفسير الآية
المذكورة : أي استوى أمرُه على المُلك، يعني استقرّ مُلكه
واستقام بعد خَلْق السماوات والأرض، فظهر ذلك للملائكة (9) .
وروي عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّه سئل عن قوله تعالى : وكانَ عَرشُهُ علَى الماء (10) فقال: إنّ الله تعالى
خَلَق الماء والعرش والملائكة قبل خَلق السماوات والأرض، وكانت الملائكة
تستدلّ بنفسها، وبالعرش، وبالماء، على الله تعالى. ثمّ جعل عرشَه على الماء ليُظهر بذلك قُدرتَه على الملائكة، فيعلَموا أنّه على كلّ شيءٍ
قدير، ثمّ رفع العرش بقدرته، ونَقَله فجعله فوق السماوات
السبع، ثمّ خلق السماوات والأرض في ستّة أيّام، وهو
مستولٍ على عرشه، وكان قادراً على أن يخلقهما في طَرْفة عَين، لكنّ الله خلقَهُما في ستّة أيّام ليُظهِر للملائكة ما يخلقه منها شيئاً بعد
شيء ـ الحديث (11) .
|