علاقة "الأنا" بالآخرين
هذا في
علاقة "الأنا" بالله تعالى، وأما في علاقة "الأنا" بالآخرين
فإن أكثر مآسي الإنسان وشقائه في علاقته بالآخرين يعود إلى "الأنا"
و"الهوى"، كما أن أكثر شقاء الإنسان في علاقته بالله تبارك وتعالى هو
كذلك في "الأنا" و"الهوى".
نحن نتحدّث هنا عن بؤس الإنسان في علاقته بالآخرين بقدر ما يتعلق الأمر
بـ"الأنا"، كما تحدّثنا قبل هذا عن بؤسه في علاقته بالله تعالى في نفس
الحقل.
إن حالة التكريس والإستعلاء للأنا تؤدّي في شبكة العلاقات الإجتماعية إلى حالتي
الإستكبار والإستضعاف في علاقة الناس بعضهم ببعض في المجتمع. وضمن هذه العلاقة
يحاول كلّ فرد في المجتمع أن يفرض نفوذه وهيمنته على الآخرين. ولكي يحقق هذه
الغاية يستضعف الآخرين ويستخفّهم ليتمكّن من فرض نفوذه عليهم.
يقول تعالى عن علاقة فرعون بقومه: (فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ).
وبهذه الطريقة يتكوّن في المجتمع نظام من العلاقات الاجتماعية والسياسية
والاقتصادية يقوم على أساس الاستكبار والاستضعاف، وهو أساس لكثير من الفساد على
وجه الأرض.
كما أن حالة التكريس والاستئثار والمحورية للأنا تؤدّي إلى طائفة من المتاعب
الاجتماعية والأخلاقية في حياة الإنسان في علاقاته بالآخرين، كالعدوان والحسد
"تمني إزالة النعمة عن الآخرين"، والكراهية والبغضاء والاستئثار وسوء
الظن والارتياب وفقدان الثقة فيما بين الناس، وحبّ البروز والاشتهار واستراق
الأضواء عن الآخرين.
وهذه المفاسد وغيرها في العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية هي حصيلة حالة
الاستعلاء والتكريس والاستئثار للأنا.
علاقة الإنسان بنفسه
وأما علاقة
الإنسان بنفسه فهي علاقة معقدة شديدة التعقيد، أشرنا إليها سابقاً إشارة سريعة.
وهذه العلاقة قد تقوم على أساس من إنبهار الإنسان بنفسه فيما آتاه الله سبحانه
وتعالى من ملكات ومواهب وفيما يفعله ويقوله وهو جانب من العجب. وقد تقوم على أساس
من الترفع عن النقد ورفض الاعتراف بتقصير أو خطأ في قول أو فعل و"تزكية
النفس" وتبرأتها وهو الجانب الآخر من العجب.
علاقة الإنسان بالدنيا
وفي دائرة
علاقة الإنسان بالدنيا ومغرياتها تؤدي هذه الحالة إلى الحرص والجشع و"جوعة
الدنيا" والنهم الذي لا يشبعه شيء. وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم): "لو
لابن
آدم واديان من ذهب لا بتغى ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.."(1).
| |